تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22

« لکی تبقى رایة فلسطین مرفوعة».. الأسیر القائد مروان البرغوثی

یشرفنی أن أشارک أبناء شعبنا العظیم عامة، وأبناء حرکة “فتح” خاصة، فی إحیاء الذکرى الـ33 لاستشهاد القائد الوطنی والفتحاوی الکبیر ماجد أبو شرار، وأذکر للمناسبة أننی کنت فی قسم العزل فی سجن طولکرم عند استشهاده فی 9 تشرین الاول 1981،
رمز الخبر: ۶۰۶۱۸
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۳:۱۸ - 16October 2014

« لکی تبقى رایة فلسطین مرفوعة».. الأسیر القائد مروان البرغوثی

یشرفنی أن أشارک أبناء شعبنا العظیم عامة، وأبناء حرکة “فتح” خاصة، فی إحیاء الذکرى الـ33 لاستشهاد القائد الوطنی والفتحاوی الکبیر ماجد أبو شرار، وأذکر للمناسبة أننی کنت فی قسم العزل فی سجن طولکرم عند استشهاده فی 9 تشرین الاول 1981، حیث وقع هذا الخبر وقع الصاعقة على الأسرى، لما کان للشهید القائد من حب وتقدیر واعتزاز فی صفوف المناضلین وأبناء شعبنا، وقد قرأت روایة الشهید أبو شرار “الخبز المر” فی ذلک الوقت.

من خلال متابعتی للمسیرة النضالیة للقائد الشهید، عرفت أننا أمام هامة کبیرة وعالیة ومتمیزة، شکلت ظاهرة خاصة فی حرکة “فتح” وقیادتها، وهذا المثال الأبرز للمناضل المثقف المنتمی، مثال للمناضل الذی ینخرط فی صفوف الثورة ولا یکتفی بتقدیم المواعظ والإرشادات من برج عاجی أو من مقهى على رصیف شاطئ هذه المدینة أو تلک، لأن المثقف الثوری هو ذلک الذی یقدم إنتاجاً علمیاً وفکریاً وثقافیاً وسیاسیاً وإعلامیاً، وفی الوقت ذاته یقاتل بسلاحه فی صفوف شعبه من أجل الحریة والعودة والاستقلال.

لقد قدم لنا أبو شرار مثالاً وقدوة للمثقف الثائر والفدائی المخلص الوفی المؤمن بقضیة شعبه والمستعد للتضحیة فی سبیله، وقد کان أبو شرار مثالاً للجیل الشاب والتغییر فی حرکة “فتح”، فهو الرجل الذی آمن بضرورة تسلیح الرأس قبل تسلیح الأیدی، والذی آمن بروح العمل الفدائی من خلال سلوکه الثوری، والید النظیفة التی تتعفف عن مد یدها على مال الثورة والشعب، والتی تعیش حالة من التقشف، لأن حیاة المناضلین یجب أن تکون بعیدة عن کل مظاهر البذخ والترف والحیاة المرفهة، فهذا قدر الثوار والمناضلین الذین یختارون طریق الثورة والمقاومة وطریق الاستشهاد والتضحیة، طریق الفداء والنضال والکفاح، والذین یکرّسون حیاتهم کاملة لقضیة شعبهم ووطنهم.

قدم أبو شرار لأبناء “فتح” نموذجاً وقدوة، وواصلنا السیر على خطاه وخطى کل شهداء شعبنا العظیم، یتقدمهم أبو عمار وأبو جهاد وأبو ایاد وسعد صایل وأبو صیری وغسان کنفانی والشقاقی وأحمد یاسین وأبو علی مصطفى والجعبری وثابت ثابت ورائد الکرمی ومهند أبو حلاوة ووفاء إدریس ودلال المغربی وآیات الأخرس وغیرهم.

إننا نحیی هذه الذکرى لا لذرف الدموع، ولا لنستذکر الشهداء فقط ونترحم علیهم، بل من أجل أن تکون مناسبة لتجدید العهد والوفاء لذکرى الأعظم والأکرم منا جمیعاً، هؤلاء الشهداء الذین یمثلون ضمیر وروح هذا الشعب وهذه الأمة، ومن أجل أن نجدد القسم بالسیر على خطاهم فأنبل تکریم للشهداء هو مواصلة طریقهم، طریق النضال والمقاومة، طریق الحریة والشهادة، طریق النصر القادم لا محالة.

إننا نحیی ذکرى القائد الکبیر أبو شرار فی وقت خاض فیه شعبنا قبل أسابیع قلیلة واحدة من أعظم معارکه الوطنیة، حیث سجل شعبنا فی قطاع غزة صموداً أسطوریاً، وقدمت المقاومة أداءً قتالیاً رفیعاً، یجعلنا أمام معرکة الکرامة الجدیدة، حیث فشلت حکومة الإرهاب الصهیونی فی حربها وعدوانها على قطاع غزة، وتکبدت خسائر بشریة ومادیة ومعنویة وأخلاقیة غیر مسبوقة، وان هذه المعرکة تؤکد صحة خیار المقاومة، وأهمیة تدعیم وتعزیز إمکانیات المقاومة فی کل الأراضی الفلسطینیة المحتلة، لأن هذا العدو لا یفهم لغة المفاوضات، ومعنى السلام، إلا عندما یتحول الاحتلال والاستیطان إلى عبء ثقیل لا یمکن احتماله، وهذا لا یتحقق إلا من خلال استراتیجیة فلسطینیة شاملة، تقوم على وحدة الشعب والقضیة والوطن، ووحدة الفصائل والسلطة، وتعزیز ومساندة حکومة الوفاق الوطنی، وإنهاء کل مظاهر الانقسام، وإطلاق أوسع حملة دولیة لمقاطعة إسرائیل وعزلها، وفرض عقوبات سیاسیة واقتصادیة علیها، وإطلاق أوسع مقاومة شاملة فی الضفة والقدس، تحظى بمساندة شعبنا فی الشتات والمنافی وبلاد الاغتراب، والاستناد کذلک إلى وثیقة الأسرى للوفاق الوطنی، باعتبارها وثیقة القواسم السیاسیة والنضالیة المشترکة، وباعتبارها البرنامج الجامع لکل فصائل شعبنا، والتحضیر لانتخابات رئاسیة وتشریعیة، ولعضویة المجلس الوطنی، ومن أجل تطویر وإعادة بناء النظام السیاسی الفلسطینی، الذی یعیش حالة من الوهن والعجز فی السنوات الأخیرة.

مرة أخرى نجدد العهد والقسم لشهداء شعبنا فی کل مکان أن تبقى رایة المقاومة ورایة فلسطین التی سقط الشهداء وهم یحملونها، أن تظل مرفوعة عالیة خفاقة فی أیادینا، وأن نواصل نضالنا على هدى مبادئهم وأفکارهم، وأنا على ثقة بأن دماء الشهداء الطاهرة ستعبد الطریق إلى القدس وإلى الحریة والعودة والاستقلال، وان مسیرة شعبنا ستنتصر طال الزمن أم قصر، وأن زوال الاحتلال بات مسألة وقت، وان مصیره کما النازیة والفاشیة والعنصریة والاستعمار إلى مزبلة التاریخ.

فی النهایة أقول فی ذکرى شهیدنا وقائدنا الکبیر والمعلم ماجد أبو شرار، لقد کتبت بیان نعیک للمناضلین فی السجن فی 9/10/1981، وها أنا أکتب الیوم، بعد مرور 33 عاماً هذه الکلمة فی زنازین الاحتلال الصهیونی، وهذا یؤکد أننا نوفی بالعهد، وأن الأجیال لن تفرط بالحقوق التاریخیة الأصیلة فی بلادنا أرض الآباء والأجداد.

المصدر: شبکة قدس الإخباریة
رایکم
الأکثر قراءة