تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22

أبو الأثیر العبسی: من صیدنایا إلى اللوائح الأمیرکیة

أواخر الشهر الماضی، أعلنت واشنطن ضمّ 10 أفراد ومجموعتین فی سوریا إلى «قائمة الإرهاب». على رأس القائمة تربّع اسم عمرو العبسی الذی «تم اختیاره من قبل داعش لیشغل منصب والی حمص». لکن، هل کان المنصب وراء وضعه على القائمة؟ وما حقیقة أنه أخٌ لزعیم «فتح الإسلام» الشهیر شاکر العبسی؟
رمز الخبر: ۶۰۷۶۳
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۸:۵۹ - 22October 2014

أبو الأثیر العبسی: من صیدنایا إلى اللوائح الأمیرکیة

أواخر الشهر الماضی، أعلنت واشنطن ضمّ 10 أفراد ومجموعتین فی سوریا إلى «قائمة الإرهاب». على رأس القائمة تربّع اسم عمرو العبسی الذی «تم اختیاره من قبل داعش لیشغل منصب والی حمص». لکن، هل کان المنصب وراء وضعه على القائمة؟ وما حقیقة أنه أخٌ لزعیم «فتح الإسلام» الشهیر شاکر العبسی؟
صهیب عنجرینی
 

یُعتبر عمرو العبسی (الشهیر بأبو الأثیر) واحداً من أشدّ الشخصیات «الجهادیة» فاعلیة. هو رجل «الدولة الإسلامیة» من قبل أن یصل الأخیر إلى سوریا، ومن أشد المتحمسین لإعلان «الخلافة»، بل أحد «آباء المشروع» وفقاً لمصادر «جهادیة».

سیرتان مختلفتان!

ثمة غموضٌ یبدو أنه مقصود یحیط بالمراحل الأولى من حیاة العبسی. هو من موالید 1979، وقد دأب خلال وجوده فی حلب على تکرار روایة أمام زواره و«إخوته المجاهدین»، مفادُها أنّه من أبناء وموالید قریة تل عقبرین، التابعة لسرمدا فی ریف إدلب. علاوة على ذلک، اعتاد التأکید أنّه «أخٌ للشیخ شاکر العبسی». ما یناقضُ المعلومات المتداولة حول شاکر العبسی الذی تُفید کل المعطیات بأنه فلسطینی – أردنی، وأنّ له من الأشقاء الذکور ثلاثةٌ فحسب، هم شکری (مهندس طیران)، وأحمد (فنی طیران)، وعبد الرزاق (استشاری فی طب العظام). لکن مصادر «جهادیة» تقول لـ«الأخبار» إنّ «الشیخ أبو الأثیر أکّد لنا أنّ کل تلک المعلومات غیر دقیقة». ووفقاً لهذه الروایة، فإن عائلة العبسی قد فرّت من سوریا خلال أحداث الثمانینیات، واتجهت إلى الأردن (بما فیها شاکر، وعمرو الذی کان طفلاً).
ثمة روایة أخرى، أوردتها صفحة «ویکلیکس دولة البغدادی» الشهیرة على موقع «تویتر»، مفادُها أن أبو الأثیر وُلد فی السعودیة عام 1979، قبل أن تنتقل عائلتُه إلى الأردن لاحقاً. ولا تلحظُ هذه الروایة أی صلة قربى بین العبسی الصغیر والعبسی الشهیر. وتتقاطع الروایتان على أن عمرو العبسی نشأ وترعرع فی الأردن، وأنّه درس الهندسة (المدنیة وفقَ إحداهما، والمعلوماتیة وفق الثانیة)!

خٌ غیر شقیق؟

ثمة روایةٌ «توافقیة» یوردها مصدرٌ «جهادی» سوری. یقول المصدر لـ«الأخبار» إن «الشیخ عمرو هو أخٌ غیر شقیق للشیخ شاکر. ومن المعلوم أن جزءاً من عائلة الشیخ شاکر قد عاش فی سوریا، ومنهم شقیقه أحمد الذی عاش فی سوریا منذ عام 1970». رغم عدم إمکانیة التحقق من صحة هذه الروایة، غیر أن المؤکد أن عمرو العبسی قد أفلح فی إقناع معظم المحیطین به أنه «أخٌ للشیخ شاکر»، مستفیداً بذلک من «الشعبیة الجهادیة» التی یحظى بها الأخیر، إذ «یُعامله معظم من حوله باحترام شدید، تقدیراً لمکانته ومکانة أخیه»، وفقَ ما یؤکده لـ«الأخبار» مُدرسٌ من سکان مدینة حلب کان قد التقى أبو الأثیر فی وقت سابق.

فی سجن صیدنایا

من المؤکّد أن أبو الأثیر قد اعتُقل فی سوریا عام 2007. وهو العام الذی شهد موجة اعتقالات کبیرة بتهمِ الانتماء إلى تنظیمات سریة، وجماعات أصولیّة. کانت تهمة العبسی الانتماء إلى تنظیم القاعدة، وأحیل على سجن صیدنایا الشهیر، حیث تأثر بأحد زعماء السجناء الإسلامیین هناک، وهو أثیر الشاکر، وسمّى نفسه «أبو الأثیر» تیمّناً به.

فی رحاب «الثورة السوریة»

أخلی سبیل العبسی بموجب مرسوم العفو العام الذی صدر حزیران 2011. حیث توجّه إلى ریف حلب، وأسّس واحدةً من أولى المجموعات المسلحة فی سوریا، وهی «کتیبة أسود السنّة» التی تلقّت تدریبها فی معسکر الشیخ سلیمان، قرب قلعة سمعان. وکان هذا المعسکر حینها تابعاً لـ«جبهة النصرة» التی کانت فی طور «العمل السری»، ولم یکن «داعش» قد ظهر على مسرح الأحداث بعد. کان فراس العبسی (شقیق عمرو) قد أسّس بشکل سرّی «مجلس شورى المجاهدین»، وصار عمرو عضواً فیه. لعب «المجلس» دوراً أساسیاً فی «استقطاب المهاجرین»، ثم فی انشقاقهم عن «النصرة» مع تفجر الخلاف بین الأخیرة و«الدولة الإسلامیة». وفی أیلول 2012 قُتل فراس العبسی على الحدود السوریة الترکیة، فاختار «أعضاء مجلس شورى المجاهدین» شقیقه أبو الأثیر «رئیساً للمجلس». أفلح العبسی فی استقطاب المزید من «الجهادیین» إلى مجلسه، فتجاوز عددهم حاجز الـ500، فی وقت قیاسی، بعد أن کانوا أقلّ من 200 فی عهد شقیقه. وتؤکد روایات «جهادیة» متقاطعة أن العبسی بدأ بمراسلة البغدادی، وتحریضه ضد «النصرة» وزعیمها أبو محمد الجولانی، وحثّه على القدوم إلى سوریا لقیادة «الجهاد» بنفسه، تمهیداً لـ«تشکیل کیان جهادی عالمی موحد».

من «أعمدة الدولة»

مع قدوم البغدادی إلى سوریا کان أبو الأثیر من أوائل الشخصیات التی التقت به، وبایعته سراً ثم علناً فی ما بعد. وإلیه یرجع الفضل فی «مبایعة» عمر الشیشانی للبغدادی، حیثُ رتّب لقاءً بینهما على مقربة من الحدود الترکیة. وتلاه لقاء موسع ضمّ إلیهما کلّاً من البغدادی، وأبو علی الأنباری، وأبو بکر القحطانی. وفی ذلک الاجتماع تم التباحث فی فکرة «إعلان الخلافة» وخطواتها. ومکافاةً له، عُیّن العبسی «والیاً» لحلب. واشتهر بدمویته، حیث تولى بنفسه التحقیق وتعذیب عدد من الناشطین فی مقر «الهیئة الشرعیة». ثم عُیّن والیاً للتنظیم على «ولایة حمص» فی مطلع العام الحالی، قبل أن یختفی. وتروج بعض المصادر «الجهادیة» أن «السلطات العراقیة تمکنت من اعتقاله قرب الحدود مع سوریا»، الأمر الذی اتضح عدم صحته بعد ضمه إلى «قائمة المطلوبین» الأمیرکیة. کذلک یؤکد مصدر «جهادی» لـ«الأخبار» أن «الشیخ أبو الأثیر بات أحد القادة الأساسیین للجهاد الإعلامی فی دولة الخلافة».

فراس العبسی «شهید رایة العقاب»

فراس العبسی، شقیق عمرو. اشتهر بلقب أبو محمد الشامی، ثم أبو محمد العبسی. من موالید السعودیة (جدة) عام 1973، وهو طبیب أسنان. أسّس «مجلس شورى المجاهدین». وهو «أوّل من رفع رایة التوحید رایة العقاب فی الشام قبل أن ترفعها جبهة النصرة»، وفقاً لمصادر «جهادیة». تؤکد بعض المصادر أن رفع الرایة کان أبرز أسباب مقتله. تقول المصادر إن «مجاهدی المجلس هم من حرروا معبر باب الهوى بقیادة أبو محمد»، ویُنقل عنه قوله حینها: «من هنا نعلنها خلافة إسلامیة». اضطرت الحکومة الترکیة بعد رفع الرایة إلى إغلاق جمیع المنافذ الحدودیة. وبعدها بیومین تم اختطاف أبو محمد، ثمّ قتله، حیث عُثر على جثته داخل حفرة. ویؤکد مصدر «جهادی» أن «الشیخ کان فی لقاء مع مسؤول ترکی سعى لإقناعه بإنزال الرایة التی رُفعت على المعبر، لکنه رفض. وأثناء عودته اختطفته کتائب فاروق الشمال، ثم قتلته».

المصدر: جریدة الاخبار

 

رایکم
الأکثر قراءة