تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22

«داعش» ینظّم البروباغندا: مجلّة «دابق» بدلاً عن الإعلام الجدید

تخیّل أن أبا محمد العدنانی، المتحدث الرسمی باسم تنظیم «داعش»، یجلس أمام کومبیوتر «أتش بی»، لیحرّر مقالته التی ستنشر فی العدد المقبل من مجلة «دابق». وعلى یمینه مثلاً، عمر الشیشانی وأمامه «ماک برو»، یصمم ماکیت المجلة على «إن دیزاین»، ویسأل عن فتوى أبی بکر البغدادی بجواز استعمال الـ«فوتوشوب».
رمز الخبر: ۶۰۸۷۷
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۶:۱۶ - 26October 2014

«داعش» ینظّم البروباغندا: مجلّة «دابق» بدلاً عن الإعلام الجدید

علی شقیر

تخیّل أن أبا محمد العدنانی، المتحدث الرسمی باسم تنظیم «داعش»، یجلس أمام کومبیوتر «أتش بی»، لیحرّر مقالته التی ستنشر فی العدد المقبل من مجلة «دابق». وعلى یمینه مثلاً، عمر الشیشانی وأمامه «ماک برو»، یصمم ماکیت المجلة على «إن دیزاین»، ویسأل عن فتوى أبی بکر البغدادی بجواز استعمال الـ«فوتوشوب».
مشهد سریالی، أصبح غیر بعید عن الحقیقة، لکن بأسماء مغایرة للمذکورة أعلاه، بعد صدور العدد الرابع من مجلة «الخلافة» باللغة الإنکلیزیة، للوصول إلى أکبر شریحة من «الجهاد فانز» فی أرجاء المعمورة. أداة الدعایة هذه تشبه إلى حد کبیر نموذج مجلّة Inspire الإلکترونیة
والّتی نشرت عن تنظیم «القاعدة فی شبه الجزیرة العربیة» بالإنکلیزیة فی العام 2010، وتمکّنت الاستخبارات الأمیرکیة من اختراقها العام الماضی. صمّمت Inspire حینها بطریقة جذّابة، ونشرت من خلال أعدادها العشرة طرقاً عملیة لمساعدة «الجهادیین» المعزولین على القیام بهجوم بأنفسهم، مثلاً: «کیف تشعل سیارة فی عشر خطوات».
إلّا أن الخط التحریری لـ"دابق" یأتی متقلباً، ففی العدد الأول کان مبنیاً على مثالیة بناء «الدولة» على أسس الشریعة أکثر من الدعوة إلى العمل. والیوم انتقل إلى فکرة التعبئة وزرع الخوف من فکرة القیام بعمل إرهابی، فی روما ربما، کما یوحی غلاف العدد الرابع. یعدّ تصمیم الغلاف، تهدیداً مباشراً لعاصمة الکثلکة، إذ تتصدّره صورة لعلم «داعش» الأسود یرفرف فوق الفاتیکان، فی نداء ربما لشن حرب ضد الکنیسة الکاثولیکیة، من ضمن تهدیده بغزو روما، وتدمیر جمیع الصلبان فیها.
یرى «مجلس تحریر دابق»، أن الساعة اقتربت بعد قرون من الحروب المقدّسة، وما هو الهدف؟ «غزو شبه الجزیرة العربیة والله سیوفّقنا فی ذلک. ثمّ سیحین الوقت لغزو بلاد فارس وسیوفّقنا الله فی ذلک. وأخیراً، سنغزو روما والله سیوفّقنا فی ذلک».
بات معلوماً أن مصدر الاسم، «دابق»، یأتی من روایتین. الأولى، أنها قریة قرب حلب فی الشمال السوری قریبة من الحدود الترکیة مهدّدة من قبل «الکفرة»، وانتهت بتحقیق نصر فی المدینة السوریة فی العام 1516. الروایة الثانیة تشیر إلى عدد من الأحادیث أنّه قرب دابق، فی أحد الأیام، سیتمکّن «جیش الإسلام» من السیطرة على القسطنطینیة العاصمة السابقة للإمبراطوریة الصلیبیة فی الشرق، اسطنبول الآن.
العدد الرابع من المجلة، جاء بعنوان «الحملات الصلیبیة الفاشلة»، ویتضمن أیضاً دفاعاً عن السبی والرقّ، إذ تقول المجلة إنه «ینبغی أن یتذکر الجمیع أن استعباد أسر الکفار وسبی نسائهم هما جانب راسخ من الشریعة الإسلامیة»، مضیفة «بعدما ألقینا القبض على النساء الأیزیدیات، أرسلنا خمسهن إلى سلطات التنظیم، والباقیات قمنا بتقسیمهن على المقاتلین الذین انتصروا فی معارک سنجار» فی العراق. وعن الرجال الذین أسرهم التنظیم من الأیزیدیین، زعمت المجلة أّنه تمّ تخییرهم ما بین اعتناق الإسلام أو القتل، إلى جانب احتجازهم وبیعهم کـ«عبید».
من خلال التنقّل بین الصفحات، یتبین أن الصحیفة تتوجّه أکثر إلى الغرب منها إلى العرب، وتعمل على نشر أفکار التنظیم بین الناس، وتحاول إقناعهم بضرورة البیعة لخلیفتهم، وتدعوهم إلى الهجرة إلى أراضی «دولة الخلافة» بطریقة هولیوودیة مغایرة لحقیقة ما ینفّذه التنظیم من انتهاکات، وإعدامات، وتنکیل، وقتل، وذبح، وسبی، ومصادرة ممتلکات، واستغلال الأطفال.
ولا یغفل القیّمون على المجلّة عن إبراز الشق الإنسانی من شریعتهم، حیث نشروا فی الصفحات الأخیرة من العدد الرابع، رسالة من الصحافی ستیفن سوتلوف إلى والدته. ملاحظة: سوتلوف ذبح قبل نشر الرسالة.
لکن هذا التنظیم الذی لا یهمّه الشکل إلا فی مجلة، یحاول تصویر نفسه أیضاً، مجیداً لاستعمال مواقع التواصل الاجتماعی، کأداة قویة فی خدمة حربه ونشر خطاب الکراهیة. بدأ "داعش" فی نشر کتیب "إرشادی" بین أتباعه، لوضع قواعد استخدام مواقع التواصل الاجتماعی مثل «فایسبوک» و«تویتر»، مشدداً على عناصره، عدم «وضع معلومات وصفیة عن أنفسهم فی الحسابات المستخدمة».
التنظیم حریص على إشعال البروباغاندا فی مواقع التواصل، لتشجیع الآخرین على الانضمام إلى صفوفه، عبر نشر صور تعرض أسلوب حیاة مقاتلیه، وصور رؤوس أعداء التنظیم المفصولة عن أجسادها... لکنه توصل إلى خطورة ذلک على المقاتلین، کما توصل إلى أن استخدام حسابات فی مواقع التواصل یمد أجهزة الاستخبارات الغربیة بمعلومات قیّمة عن مواقع عناصره، ویکشف عن هویات المقاتلین، ما یجعلهم هدفاً لطائرات «التحالف الدولی».
ویشدد الکتیب «الإرشادی» على «الداعشیین» عدم استخدام التطبیقات التی تکشف عن التوقیت وموقع إرسال الرسالة، واضعاً أسالیب یتفادون بها تلک البیانات والتطبیقات التی تسهل من مهمات الأجهزة الاستخباراتیة فی الغرب، فی حین منعت «جهادیین» آخرین من استخدام مواقع التواصل بشکل تام.

المصدر: جریدة السفیر

رایکم
الأکثر قراءة