تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22
مقتل جندی ومستوطِنة وإصابة آخریْن بعملیتی طعن

إسرائیل تعیش کابوس المقاومة الشعبیة

سیناریو الرعب الأسوأ یتحقق بالتدریج فی إسرائیل. فالکیان العبری الذی أراد استغلال الأوضاع العربیة المتفجرة والاقتتال الداخلی لترسیخ وقائع على الأرض لم تکن متوافرة سابقاً، اضطر لمواجهة غضب شامل لا یتوقف فی کل المناطق التی ظن أنه أنهى أمرها. فالقدس تنتفض بقوة فتحرک الداخل الفلسطینی فی مناطق العام 1948، وتجبر النظام الرسمی العربی على التحرک ولو ظاهریاً.
رمز الخبر: ۶۱۳۵۲
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۸:۴۵ - 11November 2014

إسرائیل تعیش کابوس المقاومة الشعبیة

حلمی موسی

سیناریو الرعب الأسوأ یتحقق بالتدریج فی إسرائیل. فالکیان العبری الذی أراد استغلال الأوضاع العربیة المتفجرة والاقتتال الداخلی لترسیخ وقائع على الأرض لم تکن متوافرة سابقاً، اضطر لمواجهة غضب شامل لا یتوقف فی کل المناطق التی ظن أنه أنهى أمرها. فالقدس تنتفض بقوة فتحرک الداخل الفلسطینی فی مناطق العام 1948، وتجبر النظام الرسمی العربی على التحرک ولو ظاهریاً.
وهکذا، تضطر إسرائیل للإعلان جهاراً عن أنها لا تنوی إجراء تغییر على الوضع القائم فی القدس خلافاً لکل أقوالها السابقة، وتضطر لأن تکشف أمام العالم حقیقة تعاطیها مع فلسطینیی أراضی العام 1948 على أنهم مواطنون من الدرجة الثالثة یسهل ویحق التمییز ضدهم.


وخلافاً للانتفاضتین الأولى والثانیة، اللتین انطلقتا أو أدیرتا فصائلیاً أو من السلطة الفلسطینیة، تبدو الانتفاضة الثالثة، أو على الأقل مراحلها الأولى فی القدس ومناطق العام 1948، شعبیة بامتیاز. بل إن أعمال العنف الفردی التی تواکب هذه الانتفاضة کما یحدث بتواتر فی عملیات الدهس فی القدس والطعن قرب الخلیل وفی تل أبیب، تتزاید لتعید إلى الذهن ظاهرة رافقت الانتفاضة الأولى.
وفی کل حال، یبدو أن ما کانت تتطلع إسرائیل إلى تحقیقه من خلال حشر أهالی القدس وفلسطینیی أراضی 1948 فی الزاویة، تبدد دفعة واحدة وأظهر لیس فقط أن القدس غیر موحدة ولن تبقى کذلک، بل أیضاً أن الفلسطینیین داخل الخط الأخضر هم جزء لا یتجزأ من الشعب الفلسطینی ویحملون کل همومه.


ولیس هناک ما یغیظ الإسرائیلی أکثر من رفع العلم الفلسطینی فی مناطق العام 1948، ما دفع برئیس الحکومة الإسرائیلیة بنیامین نتنیاهو إلى دعوة المحتجین للانتقال إلى الضفة الغربیة المحتلة، وکأنه یوحی للعالم أن أهالی الناصرة والطیبة وأم الفحم وکفر کنّا تسللوا إلى إسرائیل خلسة فسمحت لهم بالبقاء ولیسوا «أبناء البلد» الأصلیین الذین فرضت إسرائیل العزلة علیهم وفصلتهم عن شعبهم.
وهکذا، خلال أربع ساعات فقط، وقعت عملیتا مقاومة شعبیة ضد إسرائیلیین، واحدة فی تل أبیب والثانیة فی غوش عتسیون بین الخلیل والقدس، ما قاد إلى مقتل جندی إسرائیلی ومستوطنة وإصابة آخرین بجروح.
وقتل الجندی الإسرائیلی إثر تعرضه للطعن بسکین فی محطة للقطارات فی تل أبیب، على ید الشاب نور الدین أبو حاشیة (18 عاماً) من مخیم عسکر فی نابلس.
وبعدها بساعات، قُتلت مستوطنة إسرائیلیة وأصیب اثنان آخران بإصابات متفاوتة فی عملیة طعن فی غوش عتسیون، نفذها أسیر محرر یدعى ماهر الهشلمون من الخلیل.
وبحسب التقاریر الإسرائیلیة، فإن الهشلمون «ترجل من مرکبة بالقرب من محطة للحافلات، بعدما صدمها بمرکبته، وأقدم على طعن ثلاثة مستوطنین»، فی عملیة تبنتها «حرکة الجهاد الإسلامی».
وبرغم أن إصبع أفراد الأمن الإسرائیلی رخوة على الزناد فی مثل هذه العملیات ویقتلون کل من یلوح منه خطر علیهم، فإن هذه العملیات فی تزاید، ما یشهد لیس فقط على زوال قدرة الردع الإسرائیلیة بل الأهم تنامی مشاعر الغضب الفردی والجماعی من السلوک الإسرائیلی تجاه الفلسطینیین لیس فقط فی الضفة والقطاع، بل أیضاً فی القدس وأراضی العام 1948.


ولا یغیّر من هذا الواقع محاولة إسرائیل تشدید العقوبات وسن قوانین عنصریة وهدم البیوت ومصادرة الأراضی، بل ان هناک من یشدد على أن هذا ما یغذی موجة الاحتجاجات الحالیة.
وفیما استمرت تظاهرات الاحتجاج ضد التصرفات الإسرائیلیة فی أحیاء القدس ومحیط الحرم القدسی، اشتعل الوسط العربی فی داخل إسرائیل من جدید فی مظاهر تذکّر بانتفاضة الأقصى قبل 14 عاماً. ومعروف أنه فی انتفاضة الأقصى سقط عدد من الشهداء حینما تصرفت الشرطة الإسرائیلیة فی البلدات والقرى العربیة بالطریقة القمعیة ذاتها التی تصرف بها الجیش الإسرائیلی فی باقی المناطق المحتلة العام 1967. وجاء اغتیال الشهید خیر الدین حمدان فی کفر کنّا لیغذی بقوة موجة الاحتجاجات الحالیة بعدما ثبت استعداد الشرطة لإطلاق النار فقط لأن المحتج عربی وبغض النظر عن مدى الخطر الذی یمثله.


وخرج الآلاف من أبناء البلدات العربیة فی أم الفحم وسخنین وکفر کنّا وطرعان وشفا عمرو والفرادیس معلنین رفضهم لسیاسة إسرائیل تجاههم وتجاه الأقصى. وتتحدث إسرائیل عن أن الاحتجاجات داخل الخط الأخضر صارت تتخذ طابعاً عنیفاً تستخدم فیه الزجاجات الحارقة ورشق الحجارة وإشعال الإطارات وإغلاق الطرق. وأثار ذلک انطباعات بعودة مشاهد انتفاضة العام 2000 إلى الواقع العربی فی إسرائیل.
وفی مواجهة تصاعد الاحتجاجات، رفع رئیس الحکومة الإسرائیلیة النبرة ضدها، وقال إنه أمر بأن تعمل الأجهزة الإسرائیلیة بحزم ضد التظاهرات، لکنه توجه إلى المتظاهرین ضد إسرائیل وتأییداً للدولة الفلسطینیة «لأقول لکم أمراً بسیطاً: أنا أدعوکم للانتقال إلى هناک، لن نضع أمامکم أیة عقبات».


وقال نتنیاهو أمام جلسة کتلة «اللیکود» فی الکنیست الإسرائیلیة إن «الإرهابیین یریدون طردنا من کل مکان. وأنا أعدکم بأنهم لن ینجحوا فی ذلک. نحن سوف نهزم الإرهاب».
وفی ما یدل على أن إسرائیل تستشعر خطراً کبیراً، دعا نتنیاهو إلى اجتماع أمنی طارئ، حیث أوضح مصدر فی مکتبه أن «نتنیاهو دعا إلى اجتماع عاجل لمناقشة الهجمات التی نفذها فلسطینیون ضد أهداف إسرائیلیة»، بحسب القناة السابعة «الإسرائیلیة». وأشار المصدر إلى أن الاجتماع سیرأسه نتنیاهو، وسیحضره قادة الأجهزة الأمنیة الإسرائیلیة.


وبحسب المعلق العسکری لموقع «یدیعوت أحرونوت» الإلکترونی رون بن یشای، فإن «الانتفاضة الثالثة تراکم زخماً، وهی تجری فی المسار المعهود: القدس، الوسط العربی وإسرائیل، یهودا والسامرة وحالیاً فی تل أبیب. واللهیب ینتقل من مکان إلى مکان وکل بؤرة اشتعال تغذی وتلهب البؤر الأخرى. هذا کان فی الانتفاضة الأولى، انتفاضة الحجارة، وفی الانتفاضة الثانیة، انتفاضة الانتحاریین».
ومع ذلک، لاحظ بن یشای وجود فوارق أهمها أن الانتفاضتین الأولى والثانیة نشبتا تقریباً دفعة واحدة وبسبب حادث واحد، فی حین أن «الانتفاضة الثاثة نشبت عملیاً فی آذار هذا العام وتصاعدت حتى وصلت إلى الوضع الراهن، الذی تدور فیه بکامل شدتها فی القدس، فی الوسط العربی فی إسرائیل وبقدر أقل فی الضفة الغربیة».
وأشار إلى أن الوضع الأقل خطراً حالیاً هو فی الضفة الغربیة المحتلة بسبب وجود قوات الأمن الفلسطینیة التی تحول دون اندلاع مواجهات کبیرة. کما أن أحداث الضفة لم تخرج بعد عن السیطرة بسبب عدم قدرة حماس أو فصائل أخرى على تطویر حالة فی الضفة والقدس جراء الضربات الإسرائیلیة.

المصدر:جریدة السفیر

رایکم
الأکثر قراءة