تم التحدیث فی: 18 November 2023 - 09:22

أوباما خائف یترقب... والریاض تنتظر آخر خیباتها!

ثمة علائم ومؤشرات قویة جداً على أن کماشة ثلاثیة ستتحرک خلال الأسابیع القلیلة المقبلة بتسارع کبیر لتحاصر آخر فلول الإرهابیین التکفیریین على الحدود السوریة مع کل من لبنان والعراق وترکیا لم تکن قادرة على الفعل بهذا الیسر النسبی لولا إقرار الأمیرکیین بأنهم خسروا النزال نهائیاً مع معرکة إسقاط الرئیس بشار حافظ الأسد!
رمز الخبر: ۶۱۴۶۵
تأريخ النشر: ۲ ربیع الثانی -۶۴۱ - ۱۳:۳۴ - 15November 2014

أوباما خائف یترقب... والریاض تنتظر آخر خیباتها!

محمد صادق حسینی

ثمة علائم ومؤشرات قویة جداً على أن کماشة ثلاثیة ستتحرک خلال الأسابیع القلیلة المقبلة بتسارع کبیر لتحاصر آخر فلول الإرهابیین التکفیریین على الحدود السوریة مع کل من لبنان والعراق وترکیا لم تکن قادرة على الفعل بهذا الیسر النسبی لولا إقرار الأمیرکیین بأنهم خسروا النزال نهائیاً مع معرکة إسقاط الرئیس بشار حافظ الأسد!


ویقال إن الناظم المشترک لهذه الکماشة الثلاثیة هو نفسه ذلک الجنرال الأسمر السحنة الذی ظلّ یطارد شبحه الأمیرکیین طوال مدة وجودهم على أرض الرافدین بعد الغزو المشؤوم حتى اضطروا لمغادرة أرض العراق تحت جنح الظلام وصواریخ الکرار وذو الفقار تلاحقهم بمثابة شهادة میلاد عراق ما بعد الاحتلال العسکری الأمیرکی.

وکما دفع مرسی ثمن فشل رهانه على إیجاد تحولات دراماتیکیة فی سوریة لغیر مصلحة الأسد فأطیح به وانتقل من حمل الصولجان إلى الإقامة فی الزندان. فإن کلاً من أردوغان ونتنیاهو یستعدان لتجرع کأس السم فی کل من ترکیا والکیان الصهیونی بشکل دراماتیکی أیضاً، لیدفعا بذلک ثمن تخبطهما وقراءتهما الشدیدة الانحراف، لمصلحة خصومهما الذین راهنوا على صمود الأسد وبقائه فی عرینه کل هذه المدة الطویلة.

إلى ذلک، فإن ثمة من یقطع بأن محاصرة التکفیریین وسقوط مشروعهم القاضی بإیجاد «مناطق عازلة أو آمنة» فی الشمال السوری کما فی جنوبه، باتت حاجة دولیة ملحة ولیست انعکاساً واقعیاً فقط لمعادلة موازین القوى المتحولة سریعاً على الأرض السوریة لمصلحة ترسخ حقیقة سلامة إدارة الأسد وبقائه على رأس السلطة فی عاصمة الأمویین، الأمر الذی یجعل انعقاد أیة تسویة سیاسیة للملف السوری رهن إرادة الروس والإیرانیین وتوقیتهم وقراءتهم أو لا مؤتمرات ولا تسویات ولا هم یحزنون.

على خلفیة کهذه، یقال إن احتمال ظهور موجة اغتیالات وربما سیارات مفخخة جدیدة ضد سفارات أجنبیة او مؤسسات تابعة لمصالح دول کبرى أو صغرى على الأرض اللبنانیة، قد یلجأ إلیها الجناح السعودی المتشدد بسبب تخبطه وذلک لتحقیق مآرب عدة بحجر واحد، أبرزها نقل کرة النار السوریة إلى الملعب اللبنانی لإنقاذ ما یمکن إنقاذه من عملائه الصغار… فبینما یسعى أوباما إلى التخلص شیئاً فشیئاً من مرحلة الغرق فی المستنقع السوری استعداداً للتموضع على عقبیه من منطقة غرب آسیا إلى شرقها الأدنى لمواجهة التنین الصینی وتنظیم صراعات النفوذ مع القوة الروسیة الصاعدة، یسعى الجناح السعودی من خلال أدواته الصغیرة فی بلاد الشام ومنها لبنان إلى التشویش على مخطط إدارة أوباما الآنف الذکر.

وعلیه، یعتقد مراقبون متابعون جیداً لما یجری على الأرض وفی المیدان السوری ـ اللبنانی، أن ثمة میاهاً ودماء کثیرة ستجرى وستسیل هناک من الآن إلى حین حلول موعد مؤتمر دولی جدید سواء باسم موسکو 1 أو أی اسم آخر على خلفیة ما یجری من کوالیس ما بعد مسقط 6 وتفاهمات قابوس – أوباما…

فی هذه الأثناء، ثمة من یتساءل بجدیة إذا ما کانت القیادة الإیرانیة العلیا ستسمح أصلاً بالتوقیع على توافق جدید مع الغرب! وإذا ما کان سیطبق أصلاً اتفاق جنیف الأول! لا سیما بحسب القراءة الأمیرکیة التی ترید إخضاع المارد الإیرانی الصاعد وتطمین الکیان الصهیونی، أو أن الإیرانیین الذین قیل إنهم ینظرون الیه بمثابة «استراحة محارب» لن یسمحوا لأحد ان یستخدمه فی معرکة «کسر عظم» سیلجأون فیها إلى تکتیکات جدیدة فی المفاوضات، مستفیدین من تحولات المیدان السوری ـ العراقی بما یفضی للإطاحة بالتحالف السعودی ـ «الإسرائیلی» الضاغط على إدارة أوباما لیصبح التوافق الأمیرکی ـ الإیرانی مستمراً بقوة استمراریة رغبة «استراحة المحارب» الإیرانیة ـ الأمیرکیة المشترکة إلى حین تبین الخیط الأبیض من الخیط الأسود فی بلاد الشام.

وبینما السجال حاد فی الساحة الإیرانیة حول مدى نجاعة هذا التوافق وقدرته على تحطیم جدار انعدام الثقة العالی جداً بین البلدین وبالتالی مدى قوته على الصمود بوجه العواصف المحلیة أو الإقلیمیة أو الدولیة التی تختزنها تحولات جیوبولیتیک المحور الإیرانی ـ السوری ـ العراقی، فإن ثمة من یؤکد حاجة إدارة أوباما الملحة له أی التوافق الأمیرکی ـ الإیرانی حول النووی، من أجل تنظیم تقاسم النفوذ الأمیرکی ـ الروسی على ضفاف المتوسط. هذا المتوسط وتحدیداً شرقه الذی یشهد تحولاً جیواستراتیجیاً کبیراً یقلق الأمیرکیین بقوة لیجعلهم بین أمرین أحلاهما مر. فإما أن یقبلوا بإیران بمثابة القوة الخلیجیة العظمى الوحیدة الناظمة لمستقبل أمن الخلیج زائد کونها قوة متوسطیة مطلقة العنان من خلال التحامها بالجیوبولیتیک السوری ـ اللبنانی، وقوة مطلة على البحر الأحمر من خلال حضورها المتنامی فی باب المندب، أو أن تُکبّل بتوافقات جدیدة، الأمر الذی یجعل القوة الروسیة الدولیة الصاعدة شریکة استراتیجیة للإیرانیین فی الجغرافیا السیاسیة الآنفة الذکر، وهو أمر لیس أفضل حالاً من الأول للأمیرکیین، ولکنه قد یحدّ بعض الشیء من اندفاع جبهة المقاومة المتصاعدة للنفوذ الأمیرکی بقیادة طهران من خلال قوة دولیة کابحة حتى لو کانت غریمة لواشنطن، إلا انها تقبل فی الحد الأدنى من اللعب تحت سقف «المتعارف علیه» من قواعد التعامل الدولی ألا وهی موسکو.

وحدها الریاض تبدو أنها مصرة على البقاء فی الماضی الوهابی القاحل والشدید الجفاف رافضة قراءة التحولات الجیوسیاسیة والجیو استراتیجیة المتسارعة التی لن ترحم من لا یقرأ جیداً ما یحصل بالفعل فی المیدان فی أکثر من عاصمة عربیة وإسلامیة، وآخرها التحولات الطوفانیة العاصفة فی الیمن وتداعیاتها المترقبة قریباً جداً فی مجمل الجزیرة العربیة، وتلک الأخرى بالقوة التی تختزنها الأرض العربیة والإسلامیة، والتی صحیح أنها لم تتبلور أو تتمظهر بعد لکنها تنذر بمفاجآت کبیرة أول غیثها أنبار العراق والآتی أخطر!

کثیرون من المعلقین أو المحللین أو المراقبین التقلیدیین قد لا یقبلون بهذه القراءة ویعتبرونها متفائلة ووردیة ورغائبیة أکثر مما هی واقعیة، لکنهم سیتفاجأون قریباً عندما تحین ساعة انفجار المفاجآت کم کانوا قصیری النظر لأنهم لم یقرأوا بعنایة السبب الذی یجعل من «الشیطان الأکبر» یضطر إلى لجم رأس «محور الشر» کما یصف محور المقاومة والممانعة بتوافقات من نوع «موسکو1» وأن یسلم بالأسد السوری ضامناً لوقف تدهور إمبراطوریته فی المتوسط ومنع وصولها إلى الحضیض بضمانة روسیة عبر التوافق الجدید المرتقب وأن یقبل بالتخلی عن أهم حلیف إقلیمی تاریخی له على امتداد أکثر من نصف قرن من الزمان أی مملکة آل سعود بعد أن أثبتت أنها قائمة على رمال متحرکة لا أکثر، وانه لم یبق لـ«الشیطان الأکبر» الأمیرکی إلا التوسل لعدویه اللدودین أی الإیرانی والسوری للقبول بـ«استراحة محارب» لا لشیء إلا لتأخیر غرق أرخص سفینة أمیرکیة فی میاه المتوسط العاصفة أی «إسرائیل» کما یصفها جو بایدن.

نعم، أمیرکا لا تزال قویة وتملک من أسلحة الدمار الشامل الکثیر مما لو استعمل قادر على تدمیر ترسانة هذا البلد الآسیوی الدفاعیة أو ذاک کما یوصفها ویقرأها بعض المرعوبین، لکن هذا المتابع المرعوب لم یفقه بعد کیف یمکن لقائد بعید النظر ثاقب الرؤیة مثل الإمام السید علی خامنئی أو قائد میدانی شجاع آخر مثل سماحة السید حسن نصر الله أو قائد جیوش عربیة مرئیة وأخرى غیر مرئیة مثل الرئیس بشار حافظ الأسد، أن یجعلوا هذا المارد الدولی المدجج بکل تلک الترسانة یقف حائراً عاجزاً مقهوراً خائفاً یترقب عند بوابات دمشق فی الثالث من أیلول المنصرم، وأن تتحول کل قدراته العسکریة إلى مجرد خردة حدید، فقط لأنه فقد إرادة القتال والقدرة على اتخاذ قرار الحرب على ذلک المشهد الدمشقی الشهیر الذی یبدو أنه لا تزال ترعبه مفاجآت قادته مذ رآهم وهم یمشون واثقی الخطى فی قصر الشعب السوری…

فهل بقی فی العائلة السعودیة الحاکمة من معتبر بعید النظر یقرأ ما بین أسطر المشهد الإقلیمی والدولی قبل أن تدخل علیه المفاجآت التی لطالما أخبر عنها سید المقاومة إلى داخل أسوار قصره لتطیح بما تبقى من مملکة رماله المتحرکة وتدون آخر خیبات بیت الدرعیة؟!

رسالة البغدادی الداعشیة الأخیرة المطالبة بنقل معرکة الخراب والتوحش الأمیرکی ـ «الإسرائیلی» إلى أرض الحجاز لضرب «رأس الأفعى» على حد قوله قد تکون جرس الإنذار الأخیر قبل أن یطیح بهذا الرأس أهل الداخل المظلومون…

المصدر: جریدة البناء

 

رایکم
الأکثر قراءة